لكن الغريب في الأمر أن تأثير المستضعفين يجري على أي نوع من أنواع التنافس تقريبا، من السياسة إلى الأعمال التجارية. في كتابه "داوود وجالوت: المستضعفون، غير الأسوياء، وفن محاربة العمالقة" (David and Goliath: Underdogs, misfits, and the art of battling giants)، يُثري الكاتب واسع الشهرة عالميا مالكوم جلادويل القراء بعدد من التحديات والانتصارات غير المعتادة: الذين يعانون من عسر القراءة ثم يصبحون رواد أعمال ناجحين للغاية، مَن يعيش في فقر مدقع خلال حقبة الكساد ثم يرتقي ليصبح طبيب أورام أسطوريا، فريق كرة سلة للفتيات صغيرات الحجم ينجح من خلال استغلال ثغرات الخصوم، إلخ.
المفوضية - المغرب - UNHCR
كأس العالم ٢٠٢٢: مباشر - FIFA
[لايف سبورت**] كرواتيا مصر يعيش على الإنترنت 13 يناير
ليست أفريقيا أو العرب فقط.. لماذا أحب العالم صعود المغرب
في تلك النقطة، دعنا نرجع إلى ريتشارد ثيلر، الأميركي الذي حصل على نوبل في الاقتصاد 2017 عن إنجازاته في علم الاقتصاد السلوكي، التي كان من بينها إثبات أننا نميل إلى الاهتمام الشديد بمدى عدالة الأوضاع، حتى في قراراتنا المالية(6). دعنا نفترض أن هناك رجلا يبيع المظلات بسعر 20 دولارا فقط للمظلة الواحدة، لكنه يرفع السعر حين يشتد المطر ليصبح 35 دولارا، فالمطر ببساطة سيُجبر الناس على الإقبال على المظلات، ومع ارتفاع الإقبال ومحدودية البضاعة ترتفع الأسعار. بحسب الاقتصاد الكلاسيكي، فالناس سيضطرون لشراء المظلات الغالية، لكن تجارب ثيلر كشفت أن كثيرين فضَّلوا البقاء تحت المطر من دون مظلة، فقط لأنهم اعتقدوا أن البائع يستغل حاجتهم.
أشرف حكيمي:المغرب يريد كتابة التاريخ - Menara.ma
بعد ذلك، طُلب من المشاركين تشجيع أحد الفريقين. كانت النتائج غريبة إلى حدٍّ بعيد. لم يختر المشاركون تشجيع الفريق الأقوى، ولم يتوزعوا عشوائيا بين الفريقين كما يُفترض أن يحدث في الحالات المماثلة، بل إن نسبة 88. 1% منهم اختاروا تشجيع الفريق ذي الحظوظ الأقل. وفي دراسة أخرى(2)، شاهدت مجموعة مختارة من الطلاب الأميركيين مباراة كرة قدم بين فِرَق أوروبية، وقيل لهم -دون أن يعرفوا أن ذلك من معايير التجارب- إن أحد الفريقين قد فاز في آخر 15 مباراة بينهما. مرة أخرى، شجعت النسبة الأكبر من الطلاب الفريق ذا الحظوظ الأقل. لكن ما تُظهره تلك التجارب ليس جديدا، من عقدين تقريبا من الزمن أظهرت الكثير من الأبحاث والتجارب العلمية جاذبية غريبة للمستضعف، الشخصيات أو الفِرَق التي لا يُرجَّح أن تفوز، ومن تلك النقطة ظهر تعريف "تأثير الكلب المستضعف" (The underdog effect) الذي يعني ميل الناس بنسبة كبيرة إلى تشجيع صاحب الحظوظ القليلة في التنافس. بشكل أساسي، يبدو أن تشجيع الناس لشخص أو فريق لا يعرفونه لمجرد أنه في موقع المستضعف يخضع لعاملين أساسيين، وهما الموارد والحظوظ(3)، في حالة المغرب مثلا ظهر هذان العاملان بوضوح، فهو أولا فريق قادم من دولة أفريقية لا تمتلك موارد مثل تلك التي أُنفقت على تطوير وتجهيز فريق أوروبي مثل فرنسا أو البرتغال أو بلجيكا، وبالطبع فإن التوقعات للمغرب منخفضة، فهو فريق لم يتأهل لكأس العالم سوى ست مرات فقط، ولم يصعد إلى دور الـ16 أصلا سوى مرة واحدة في كأس العالم 1986.
(شاهد التلفاز<) كرواتيا كندا يعيش على الإنترنت 27 نوفمبر
[[[البث المباشر]]<<] كرواتيا كندا يعيش على الإنترنت 27
بالتالي فإن النتائج محسومة سابقا، وسيظل العالم كما هو، وهنا تظهر مشكلاتنا الخاصة، فنظن أن ذلك بالتبعية يعني أننا لن نتمكن من مواجهة تحدياتنا الذاتية الكبرى أيًّا كانت، لأن كل شيء محسوم. في هذا السياق يأتي فريق المغرب في كأس العالم ليداعب آمالانا ويحطِّم هذه التصورات المسبقة، الملاحظ هنا أن هذه السردية تتطلب الكثير من بذل الجهد، هذا المستضعف لا يفوز في يوم وليلة، بل يضطر للكفاح ضد صعاب تبدو وكأنها مستحيلة، ويبحر في فضاء مسكون بكمٍّ كبير من "عدم اليقين"، ليصل في النهاية إلى شيء لم يتصوره أحد. تشرح "نظرية الصعوبات المرغوبة"(4) (theory of desirable difficulties) التي أسَّسها عالم النفس الأميركي بجامعة كاليفورنيا روبرت بيورك في الثمانينيات تلك الفكرة، حيث تفترض هذه النظرية أن هؤلاء المستضعفين يحتاجون بالأساس إلى تلك "العيوب" أو "المشكلات" أو "التحديات التي تبدو مستحيلة"، لأن الكفاح ضدها مهم للنمو مع الزمن.
انحسار الفقر في بلدان المغرب العربي، لكن التفاوتات لا
(مشاهدة على الانترنت***) كرواتيا مصر يعيش على الإنترنت 13
في كرة القدم، يرى الجمهور أن اللعبة باتت تتطلب دفع الكثير من الأموال (والموارد الأخرى) لإنجاح الفِرَق الكبرى، بالتالي فإنها أصبحت غير عادلة بالكامل، والمحدد الرئيسي للتفوق فيها هو النقود لا الموهبة، في المقابل تريد الجماهير إقامة العدالة، التي تتمثَّل في انتصار المواهب بغض النظر عن اقتصادها. ينطلق ذلك أيضا من مشكلة ذاتية، فغالبية قُرَّاء هذا التقرير لم يُولدوا بملعقة ذهبية (أو حتى فضية) في أفواههم، وبالتالي فإنهم يواجهون دائما مشكلات تتعلق بانتصار صاحب الموارد ضعيف الموهبة، وهنا تحديدا يكون دعم اللعبة العادلة انعكاسا شخصيا لذواتنا وتجاربنا. نجيب محفوظ نفسه في خطاب جائزة نوبل أشار -بدرجة من اللطف- إلى تلك النقطة حينما قال: "لعلكم تتساءلون، هذا الرجل القادم من العالم الثالث كيف وجد من فراغ البال ما أتاح له أن يكتب القصص؟ وهو تساؤل في محله، فأنا قادم من عالم ينوء تحت أثقال الديون حتى ليهدده سدادها بالمجاعة أو ما يقاربها.. ولكن من حُسن الحظ أن الفن وربما الإبداع بكل أنواعه كريم عطوف، وكما أنه يعايش السعداء فإنه لا يتخلّى عن التعساء، ويهب كل فريق وسيلة مناسبة للتعبير عما يجول في صدره".
(((تلفزيون الرياضة))) كرواتيا بلجيكا يعيش على الإنترنت
توقعات مباراة المغرب وكرواتيا - Hespress